ثقافة الازمة، متى سنتعلم؟

wikimedia.orgما اتكلم عنه هنا مجرد هو ملخص لخبرة 15 سنة في التعامل مع الكثير من الزبائن معامل و شركات كبيرة و الكثير من الملاحظات.

أمس حضرت احدى المناقشات كان يتكلم فيها احدهم (صاحب معمل) عن العمال في فيتنام، كان يتحدث عن مدى التزامهم بالعمل و ان العامل لا يدير وجهه عن آلته مهما يحدث من حوله مقارنا مع العامل السوري (أو العمال لديه)، وبالرغم من اني لا اعرف المتكلم فاني متأكد بانه لم يلتفت إلى مدى التزام رب العمل في التعامل مع هؤلاء العمال بل انه إذا انتبه ينتبه إلى الجانب الذي يصب في مصلحته فقط (القسوة)، كنت متأكد بأن رب العمل ذاك ربما يعامل العمال كالعبيد و لكن لا اظن لديه تلك الاخلاقيات التي لدينا التي تدمر الحس الانتاجي عندنا.

كان يدور في ذهني وهو يتكلم مشاهداتي عبر السنوات الماضية، كيف صاحب المعمل لدينا بالرغم من قسوتة المستوردة، إلا انه يفشل في السيطرة على زمرة العمال أو الموظفين التي لديه.

ضمن ثقافتنا رب العمل يكافي و يقوم بتقريب من هو اكثر نفاقا، أو احلى كلاما، و الذي ينقل الاخبار أو اكثر قرابة، و من هو اكثر تذمرا، و يستبدل الجيد بالرخيص، و حسب نظرية الاصطفاء الطبيعي ستجد أن رب العمل سيخسر من ليس لديه هذه المزايا و مع الوقت ستحصل على زمرة عمال متناسبة مع هذه الثقافة و ستربي القسم الباقي على ذلك.

القسوة مع العمال ليست المقياس هنا، بل الأفضل ان تكون قاسيا و لكن عادلا، إذا فتحت المجال للمكاسب التي لا تعتمد على الجد في العمل فسوف اراهن بانك رب عمل فاشل.

قبل عدة سنوات كنت في احد المعامل الجديدة (لتركيب البرامج لديه)، لاحظت وجود رئيس عمال مجد و مخلص في العمل، عند خروجي راهنت صديقي على ان هذا العامل لن يستمر في العمل أكثر من سنة فما ان ينهض العمل و يقف المعمل على رجليه حتى يتم طرده، و صدق توقعي عندما عدنا بعد سنة و سألت عنه و عن بعض العمال قيل تم طردهم و استبدالهم بعمال أرخص اجرة.

ما تعلمته من استاذي للغة اليابانية في الثقافة اليابانية العلاقات مع العمال و المنافسين و الموردين و الزبائن علاقات (دافئة) و بنفس الوقت قاسية جدا لنقل ملتزمة أو منضبطة، الموظف عليه ان يجلس على ركبته عند مقابلة رب العمل، و لكن آخر الاسبوع على رب العمل ان يخرج إلى المطعم مع موظفيه و يأكل معهم على نفس الطاولة، كان الاستاذ يشير إلى الكثير من العادات السيئة التي لدينا حتى على مستوى تقديم ورقة أو التلفظ باجابة (تشيء) التي تعني لا (النفي).

من وقتها حاولت ان اطبق الكثير مما تعلمته بالاضافة إلى ما لاحظته من تجارب سيئة و تجارب ناجحة من زبائني، قمت بتطبيق ما استطيع خلال عملي في الشركة السابقة و بالفعل كانت تحقق نتائج طبية، لكنني لم اكن رب العمل، و لم استطع اجبار رب العمل عن التخلي عن ثقافتنا تلك للأسف، و لكن كان القسم الذي اشرف عليه يحقق انتاجية عالية و الحمد لله.

في محاولتي للبحث عن عمل هذه الأيام لاحظت اننا خلال هذه السنوات الماضية و بالذات خلال الازمة التي تمر فيها بلادنا باننا لم نكتسب إي خلق أو عادات جديده حميد طبعاً، و ما اقصده، أن الازمات تصقل الانسان و تغير من عاداته و سلوكه للأفضل (في حال كان مثقفا) لكن نتائج مراقبتي كانت سلبية للأسف.

كثيرا ما يتردد على الانترنت خاصة بأننا سنعيد بناء ما قد تهدم و يتم الاستدلال على ازمة اليابان بعد الدمار القنبلة النووية، و اعترض جملتهم لاخبرهم و مالذي تغير في نفوسنا حتى نتحول من مهدمين إلى بنائين؟.

أكثر هؤلاء الناس يحلمون بأن يصبحو الأفضل و لكنه غير مستعد أن يتخلى أن اي خلق سيء لديه، من كان يعامل الناس بسؤ مازال يعاملهم بنفس الطريقة و من كان يتلفظ بألفاظ سيئة أو بذيئة مازال و هو مصر على ذلك و هنال كثير من هذه الطباع و العادات لا مكان لذكرها، بل ما يسيء الأمر أكثر هو التمسك و الاصرار بهذه الطباع السيئة أو زيادتها  لاغاظة من اعترض عليها.

صدقوني مالم نبدأ بالتغيير من الداخل (ولو بخلق صغير واحد – للأسف) لا تحلموا بأن يتغير وضعنا.

فكرة واحدة على ”ثقافة الازمة، متى سنتعلم؟

  1. في المقابل المعاملة الحسنة لا تُكلف المدير شيئاً يُذكر، أعني ليست فيها تكلفة مادية، فليس بالضرورة أن تزيد المرتبات حتى يرضى الموظف عن العمل الذي يعمل به، لكن أشياء بسيطة مثل التحفيز بالكلام والثناء على العمل أو حتى الترقية، فإنها لا تُنسى.

    ما زلت أذكر وأقص طريقة معاملة المدير السابق الذي كُنت أعمل معه مع الموظفين عموماً ومعي خصوصاً.
    فمرة من المرات مثلاً قمت بإدارة برنامج وهو ميزة جديدة في شركة اتصالات والبرنامج كان بسيطاً جداً، كان يُمكن تنفيذه في يومين أو ثلاثة، لكن لم تتوفر كل الاحتياجات فتم تنفيذه في شهر. وبعد نجاحه أرسل لي المدير بريد يُعلمني فيه بأني نلت ترقية بسبب هذا البرنامج، وكُنت قد ترقيت بسبب برنامج آخر في العام الذي يسبقه، فأرسلت له راداً بأن هذا البرنامج بسيط كان من المفترض أن يتم إنجازه في ثلاثة أيام، فقال لي أن العبرة ليست في صغر أو كبر المشروع، لكن العبرة في إتمام العمل، وقال لي أيضاً أنه تابعني عندما أرسلت للشركة الصينية التي قامت بتنفيذ شبكة الاتصالات بأن يقوموا بفتح خدمة معينة وتابعتهم إلى أن أنجزوها وتابعني في طلبي من أحد المبرمجين أن يقوم بعمل إجراء معين استخدمته في هذا البرنامج، وفي النهاية قُمت بالاتصال به حتى يقوم بالتجربة من جهاز الموبايل الخاص به بسبب أنه دفع آجل وخط هاتفي دفع مقدم والخدمة كانت مستهدف بها مشتركي الدفع الآجل.
    وكان أيضاً يأمر مدير الخدمات باصطحاب المبرمجين إلى محل الأثاثات لشراء الكرسي الذي يُناسبه.

    الطريقة السلبية في التعامل مع الموظفين في العالم العربي سوف استفيد منها كثيراً بعد أن أصبحت لدي شركة خاصة، فليس من الصعب الاحتفاظ بالمبرمج الجيد في ظل معاملات الغير بطريقة غير مناسبة مع مهنة المبرمج والمطور. وسوف أحاول بإذن الله أن أجعل عملهم معي هو من أفضل الوظائف التي علموا بها، وذلك بتطبيق أشياء بسيطة ربما لا تكلفني شيئاً تعلمتها من صاحب عملي القديم.

أضف تعليق